

ديك مسافر على جدار
تأليف: إبراهيم أبو هشهش
قد تبدو هذه النصوص، للوهلة الأولى، كأنها سيرة منجمة لشخص يضع ( طاقية إخفاء )، ويرى العالم دون أن يرى فيه، فهو يضيء لنا على كل شيء سوى ذاته.
لكنه يتخفى لا انسحاباً من العالم، بل حلولاً فيه، ليجعل حركة العالم صورة مواربة الحركة ذاته الخفية، ومن زاوية أخرى، قد تبدو كأنها نصوص نوستالجية حرة تتحدث عن عبورية الحياة وهشاشتها ومراراتها اللذيذة اللاذعة وترصد جريان الزمن التراجيدي إذ يجتاح الكائن ويحوله إلى صندوق للمفقودات والتحف القديمة التي لا يمكن استردادها ولا يمكن التخلص منها . لكن الحقيقة هي أن هذه النصوص قصص قصيرة انتشلها الكاتب ببراعة من مادة الواقع، وأعاد تشكيلها وصقلها ليوهمنا ، إمعاناً منه في لعبة التخفي، بأنه ليس المؤلف بل الواقع هو المؤلف .
تتناول هذه القصص ثيمة الموت المركزية موت الأطفال، والعصافير، والحيوانات والأشياء، وحتى الأمنيات والذكريات والأفكار وتبرع في استدراج المتلقي إلى ذلك الأسى الشفاف الناجم عن موت العالم، ليدرك أن الحياة لا تكون بنجاة الذات، بل بنجاة العالم الذي تتكون الذات منه وفيه ومعه.
في الخلفية، يلوح طيف فلسطين بوصفها ( عالما ) يواجه الموت، ويحوله إلى طوق نجاة للذاكرة . ومما يلفت الانتباه أن السارد في القصص كلها طفل، وكان المؤلف يريد أن يقول لنا : إن الطفل الذي يُراد له أن ينسى عالم فلسطين، هو الذي يتذكر، وهو الذي ينجو وينقذ الذاكرة من الخراب . وإن الموت، الذي في القصص كلها، ليس تعبيرا طبيعيا عن اكتمال الحياة، بل هو خلل عميق في روح العالم الذي ينتج الموت وينتقص الحياة.
هذه المجموعة القصصية العذبة، تشكل إسهاماً ثمينا في السرد الفلسطيني، وتنتبه إلى ان حياة الكائنات والأشياء والأفكار ليست نافلة، بل هي امتداد حتمي الحياة البشر. زهير أبو شايب
حدد الخيارات
تأليف: إبراهيم أبو هشهش
تأليف: إبراهيم أبو هشهش
