في" تاريخ يتمزق في جسد امرأة" هو نفسه أدونيس كما "في الكتاب" وكما قبلاً في "أغاني مهيار الدمشقي"، شاعر يسعى جاهداً لأن يستعيد دوره المفقود منذ انحلال الرابطة القبلية الحقة، الملتزمة قيم العدالة والرجولة في موقف الصراع ضد العدم في صحراء لم تعط العربيّ الا القليل القليل ليعيش عليه.
أدونيس الشاعر الرؤيوي الباحث عن قبيلة من الغواة التابعين، يؤمنون بمغايرة تعيد للشاعر ريشته ليعيد رسم هذا العالم.
المرأة هي المحور، هي الغاية والوسيلة معاً، في "تاريخ يتمزق في جسد امرأة" يجعل منها ضحية يرجمها الحشد مع ابنها، كأنه يحاكم تاريخ البشرية منذ أول خطيئة وأول رجم.
هو يسعى الى زلزلة المفاهيم الخاطئة التي لا توافقه الرأي في "أن المرأة مفتاح معرفي،فالصورة التي تشوه المرأة تشوه الرجل أيضا، والرجل في إلحاحه على تغييب المرأة إنما يلح على تغييب نفسه" فالأنوثة هي بالنسبة الى أدونيس مفتاح معرفي لاكتشاف العالم، "فلكي نكتشف العالم ونكتشف أسراره ونكتشف علاقاته لا بد ان تكون الأنوثة طريقنا الى ذلك، فالمرأة مفتاح معرفي لتلون العالم".
ويرى أدونيس أن الكتابة الشعرية العربية تتحرك في إطار فردي ومنعزل عن المحيط الثقافي، هي نوع من العزف المنفرد بينما القصيدة في العالم هي نوع من العزف الكوني"، وهو في مشروعه الشعري لا يخرج عن هذا المسار الذي رسمه لنفسه، شاعرا يرى ضرورة أن تسبح الكتابة في فضاء اللغة لا خارجها، يعني أن تصير همًّا وجودياً يكشف الأماكن الأكثر جمالية ونورانية في مساحات اللغة والحياة. وهذا ما يتعمده أدونيس في نظرته الى الأنثى وسيلة الرجم وغاية الارتقاء، فالتاريخ يتمزق في جسد امرأة
أنثى أدونيس هي ثابتُه والمتحول، في تحديه لسلطة الموروث وثورته أول الجسد آخر البحر، في شهوةٍ تتقدم في خرائط المادة لتلغيها كفردٍ بصيغة الجمع، أدونيس الشاعر الغامض الواضح في بحثه عن أبجديةٍ ثانيةٍ تقول ما لم تقله لغة الأرض وتتسع لما تحمله الأرض من همٍّ وجوديٍّ ما زال أسير جدلية الرجل المرأة وتخلفِ اللغة عن حمل ما بينهما من سر همسٍ دافىء.