الثالث
تأليف: يشاي سريد
تنمذج رواية «الثالث» ليشاي سريد (١٩٦٥) على أدب الديستوبيا في إسرائيل، الذي يشهد في الآونة الأخيرة نُموّا وازدهارًا كبيرين. بيد أن كتابته شهدت نماذج عدة جليّة منذ ثمانينيات القرن الفائت، وجاءت على خلفيات متعدّدة أهمها أن الكتابة التي تنشد النطق بالحقيقة لا يمكنها أن تتعايش مع أي خنق مقصودٍ لمقوّمات الحياة، ومع أي قمع للحرية، فتعبر عن تململها من خلال استشراف إحالات هذا الخنق وذلك القمع ضمن رؤيا سوداوية تحمل أكثر من نذير سوء. ما زالت هذه الخلفيات هي نفسها التي تقف وراء الصيرورة التي بلغها هذا الأدب في الأعوام الأخيرة، كما تدل على ذلك نماذجه الأحدث ومنها هذه الرواية. إن «الثالث» يعني الهيكل الثالث الذي يُقام في المستقبل، بعد أن تكون قنابل نووية دمرت مدن الساحل في إسرائيل وفي مقدمها تل أبيب، ويقف على رأس الهيكل فلكي مُرتد عن الدين يعيده التجلي الإلهي في النقب إلى دين آبائه وينجح في توحيد من تبقوا من الشعب حوله في منطقة الجبل، ويقوم الإسرائيليون الذين نجوا بطرد الفلسطينيين («العماليق») من البلاد ويؤسسون مملكة جديدة برئاسته ويبنون الهيكل الثالث ويعيدون ممارسة العبادة فيه، لكن بعد مرور نحو خمسة وعشرين عامًا تتورّط مملكة إسرائيل الجديدة» في حرب أخرى مع جيرانها العرب ينتج عنها خراب الهيكل الثالث. ولعل النقطة المحورية التي تبدو شديدة الوضوح على صعيد الدافع الأساس الذي وقف وراء كتابة هذه الرواية هي الخشية الرهيبة للكاتب من مصير الكيان الإسرائيلي المنزلق بقوة نحو /تديين تهويد الوعي والحياة. يقوم الكاتب بشحن كافة مناحي الحياة في هذا الهيكل الثالث بالتصوّرات والعبارات الدينية كافة، من أجل تأكيد طبيعة هذه البنى الجديدة وقدرتها على التدمير من جهة، وفي سبيل تأكيد طاقاتها العظيمة المستفيدة من التكنولوجيا المتقدمة بغية «استعادة الوعي اليهودي»، واستعادة» فترة حضانة اليهودية والعرق اليهودي، أو الرحم الأولي لليهودية (الأصولية اليهودية بمعناها (الإثني) من الجهة المقابلة. هذه «الاستعادة»، بموجب هذا النهج، هي الهدف المشتهى، وفي هذه الأثناء يتم تدمير فتصبح الإنسان الفرد والجماعة من خلال التمسك بهذه التصوّرات الأصولية، واغتصاب «مملكة السماء» واستنزالها لتتحقق على الأرض
سنة النشر: 2021
دار النشر: مدار : المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية
ترجمة: هشام نفاع
عدد الصفحات: 242