تقاطع نيران
تأليف: سمر يزبك
هنا بدأ شيء ما يخرج من أمعائي بسرعة شديدة، وكأنّي أردتُ أن أخرج من جلدي. في الحياة أقول لصديقاتي: إنّ لمسة رجل لا تجعلك تبدّلين جلدك كأفعى. ليست لمسة حبّ. الآن أستطيع القول إنّ هناك أشياء أخرى تبدّل جلودنا: الانسلاخ نحو الموت، والطيران نحو الهاوية! تلك اللحظة كانت الطيران نحو الهاوية، وعوضًا عن التحليق، تقيّأت. كنتُ واقفة، وسقطتُ على ركبتي. غضبوا بشدّة، وقام من مكانه ينظر مذهولاً إلى الأثاث الذي تلوّث، وبقيت أتقيّأ. عيناي تشرّان أيضًا بالماء. لم تكن دموعًا، أنا واثقة، الدمع يتساقط كقطرات، وما خرج من عيني لم يكن كذلك. عادت تلك الفكرة: كلّ من يخرج للتظاهرات في الشوارع، هنا، إمّا أنّه يُقتل بالرصاص، أو يعيش هاربًا متخفّيًا؛ أو يُعتقل، ويَعذّب كهؤلاء. أيّ شجاعة نبتتْ فجأةً من هذا الصوّان؟ خرج صوتي ضعيفًا، لكنّي استطعت أن أسمعه: “إنت اللي خاين!”. عرفت أنّه سمعها، لأنّه انحنى وصفعني بقوّة، فسقطتُ نهائيًّا على الأرض، ثم بدأت الأشياءُ تتهاوى. كان فمي مفتوحًا على الأرض، ودمٌ ساخنٌ ينزّ منه، وعرفتُ ماذا يعني قولهم بالعامِّيّة: “والله لبزّقك الدمّ”.