تل اللحم
تأليف: نجم والي
الحكي مثل الصنارة، كلما علق فيها طعم لذيذ، زاد الصيد؛ كلما روى المرء، زاد نهمه للروي، مثله الذي يسمع القصة أو يقرأها... هذا هو ما يفعله راوي هذه الرواية معنا؛ فهو يجعلنا مع كل سطر يرويه، نزداد نهماً لمعرفة مسار القصة، غافلين عن شرك نصبه لنا في البداية بتلك الجملة التي استعارها من الفرنسي بوريس فيان "هذه القصة حقيقية لأنني اخترعتها أنا"... ومع قراءة كل جملة، نريد أن نعرف أننا لسنا مخدوعين، حتى لو أن كل ما نقرأه مخترع بأكمله، وحتى لو اختلط كل شيء بين الحقيقة والوهم، بين الله والشيطان.
"تل اللحم"؟ هل هي قصة المكان الذي يقع قريباً من مدينة سوق الشيوخ، في العراق عند تخوم البادية الجنوبية، والذي ترى على أطرافه المقبرة المسماة باسمه، التي لا يعرف أحد متى وجدت، مثلما لا يعرف أحد هوية المدفونين فيها؛ هل هي مقبرة لدفن الغرباء الذين مروا بالمدينة وحسب؟ أم هي قصة المكان الذي أطلق فيه الجنرال الفرنسي "بلزاك" قائد قوات التحالف البرية في حرب الخليج، النار على نفسه، بعد تسلمه الأوامر بالتوقف هناك, هو الذي كان يحلم بالزحف باتجاه بغداد؟ أم هي قصة حب بين جندي عائد من حرب فاق وصفها الجحيم وبين امرأة هاربة من مستنقع وحل الذكور الواسع, في زمن الصخب والعنف؟
من يدري؟... في "تل اللحم" تختلط كل القصص: قصة "معالي سيد مسلط" بقصة "مرايا سيد مسلط"؛ قصة "شجرة آدم"، بقصة "إفطيّم بيّ دَيّ" أو بقصة "الحمامة" التي ضلت طريقها، بقصة القحبة "نجمة"، أو بقصة "نجم والي"؛ قصة "عسلة لاويّ اليهودية"، بقصة "ملك"، أو بقصة عازف الجلو "ربيع"...
"تل اللحم" رواية الجحيم العراقي، رواية حربين عراقيتين طويلتين... رواية الموت اليومي... رواية الحب حلماً، يرويها نجم والي، كاشفاً للعالم وجهه الحقيقي.
نجم والي قاص وروائي وصحافي عراقي مقيم في ألمانيا. صدر له عن دار الساقي: "تلّ اللحم"، "بغداد: سيرة مدينة".
حدد الخيارات