في الجملة الأولى من "عصور دانيال في مدينة الخيوط"، نطالع مشهد دُمى في الشرفات والنوافذ تنظر إلى مشهد دمى ذبيحة في الأسفل. هذا المسخ المُضاعف، أو الموت المزدوج، يضعنا في قلب الصدمة، ويفتح أعيننا على مدينة ترزح تحت عقوبة ثقيلة.
صادفنا في «ألف ليلة وليلة» أكثر من مدينة ممسوخة، إما كعقاب إلهي، أو دون سبب واضح مثل «مدينة النحاس». لكن بشر المدن المعاقبة وغير المعاقبة في الليالي يتحولون إلى تماثيل، ولا يعودون يتألمون، بعكس البشر الدُمى في هذه المدينة الذين يشعرون بالرعب من القتل، من تيه أطفالهم وسط الفوضى، من غرق المدينة تحت طوفان مطر لا يتوقف. وهم رغم العقوبة التي أُنزلت بهم وبمدينتهم لم تزل لديهم الرغبة في النجاة، يحاولون عمل شيء، بينما يجلس دانيال ابن النور، ابن الظلام، يدون بلا انقطاع صفحات يراكمها خلفه، كأنه فرعون يبني هرمًا من الأوراق ليخلد تحته، في حين تتكرر سيمفونية رومانس لارجيتو لشوبان كأنها عزف كوني.
لقد شيَّد أحمد عبد اللطيف مدينة الدمى من خيال جارح، لأن الفنتازيا هنا ثابتة الأقدام على الأرض، تنطلق من الواقع وتعود إليه.