نيتشه : سيرة فكرية

في أول لقاء بينهما في روما في عام ١٨٨٢، بادر فردريك نيتشه إلى تحية لو اندريا - سالومي (١٨٦١-١٩٣٧)، الفتاة الشابة البالغة من العمر الحادية والعشرين، بهذه الكلمات المنذرة المثقلة بالتوقعات: «من أي نجمين هوينا لنلتقي هنا ؟». في الواقع، ليس يشك في أن المرأة الشابة فائقة الجمال قد تركت انطباعاً قوياً في "فيلسوف العزلة" البالغ من العمر آنذاك السابعة والثلاثين؛ انطباع دفعه إلى التقدم لخطبتها بعد لقائها مباشرة وقبل مغادرته روما، ولكن الشابة ارتأت تأجيل الرد. في ثاني لقاء بينها، تسلق نيتشه والشابة جبل ساكرو في روما معاً، وبينها كانا في طريقها إلى النزول، شعر الفيلسوف بنشوة عميقة وشكر رفيقته فيها بعد لـ (الحلم الأكثر سحر وفة في حيات) قالت (لو) مرة لنيتشه: «إن حواراتنا وأحاديثنا تقودنا لاإرادياً إلى الهاوية .. بينا يتولد الانطباع لديك أنك تتسلق منعزلاً إلى نقطة مراقبة تنظر منها إلى الأعراق». ومن هذا الفهم العميق والدقيق للمشهد السايكولوجي الممتد في حياة نيتشه الداخلية انطلقت (لو) لتكتب هذا الكتاب الذي قدمت فيه صورة نفسية نقدية بقدر ما هي متعاطفة، للفيلسوف الذي شاطرته صراحته مثلما لم يشاطره أحد آخر