مهزلة العقل البشري
تأليف: علي الوردي
لست أريد أن يرضى عني جميع الناس. فرضا الناس غاية لا تنال كما قيل في المثل القديم. حسبي أن أفتح الباب للقراء لكي يبحثوا ويتناقشوا . والحقيقة هي في الواقع بنت البحث والمناقشة. مشكلة إخواننا أنهم لا يعترفون بوجود فكر جديد، ولا يهتمون بما إكتشف العلماء اليوم من نظريات تكاد تنسخ النظريات القديمة . يعيش أحدهم بين الكتب القديمة وهو يكاد لا يخرج منها . وقد تراه أحياناً مغروراً بما يظن أنها قد جاءت بالقول الفصل، ولا حاجة له إذن بالسعي وراء علم جديد . ان من المفاهيم الجديدة التي يؤمن بها المنطق الحديث هو مفهوم الحركة والتطور . فكل شيء في هذا الكون يتطور من حال الى حال ولا راد لتطوره. وقد أصبح من الواجب على الواعظين أن يدرسوا نواميس هذا التطور قبل أن يمطروا الناس بوابل مواعظهم الرنانة. من المؤسف أن نرى أخواننا من رجال الدين لا يفهمون هذه الحقيقة. ولهذا وجدناهم يقاومون كل تيار جديد، كأن الأمر بيدهم يقولون فيسمع الناس قولهم. • اننا نمر اليوم بمرحلة انتقال قاسية ونعاني منها آلاماً تشبه آلام المخاض. فمنذ قرن تقريباً كنا نعيش في القرون الوسطى. ثم جاءتنا الحضارة الجديدة فجأة فأخذت تجرف أمامها معظم ما ألفناه ونشأنا عليه. ولذا نجد في كل بيت من بيوتنا عراكاً وجدالاً بين الجيل القديم والجيل الجديد . ذلك ينظر في الحياة بمنظار القرن العاشر وهذا يريد أن ينظر اليها بمنظار القرن العشرين. كنا ننتظر من المفكرين من رجال الدين وغيرهم، أن يساعدوا قومهم في أزمة المخاض هذه لكنا وجدناهم على العكس من ذلك يحاولون أن يقفوا في طريق الاصلاح ويضعون على الأبالة ضغثاً جديداً .
سنة النشر: 2021
دار النشر: دار الوراق للنشر
الطبعة: التاسعة
عدد الصفحات: 359
تصنيفات: تاريخ , دين , علم-الاجتماع , علم-النفس , علي-الوردي , فلسفة , واقعي