الاخوة كارامازوف الجزء الأول

تعالج القصة الكثير من المشاكل الاجتماعية في القرن التاسع عشرووالعشرين والحادي والعشرين وكأن الفيلسوف هيجل يحقق من مكانة هذا الكاتب والشاعر ليكون ي موقع النبي المصلح فعلا!.
تتناول الرواية القضايا الجوهرية اللتي تحير الإنسان في هذا العصر، مثل الخير والشر والعدالة السماوية والخلود والحرية، القصة بمجملها تتناول قضية الأزمة الأخلاقية والقيم الاجتماعية بين العائلة ورجال الدين والقانون والأنانية والغريزة. لهذا بعد نشرها كثير من كبار المفكرين والعظماء في العالم في ذلك العصر مثل فرويد وأينشتاين والفيلسوف الوجودي مارتن هيدجر وعالم الرياضيات الحديثة لودويك أشادوا بها.
في هذه الرواية نجد قمة الإبداع الفكري التي أثبتت بلا شك أن دوستويفسكي هو كاتب قدير وعالم نفس محترف وفيلسوف بكل معنى الكلمة.
ربما نسأل كيف صمدت رواية كالإخوة كارامازوف منذ العام 1880م إلى يومنا هذا، لم يهمشها الزمن أو بعد المسافات من الغرب إلى الشرق، اخترقت المسافات والأماكن، لم تكترث بل واصلت سيرها وكأنها ظل الإنسانسة الأبديّ الذي لا ينتهي ولا يخشى السقوط بالعدم، هنا تتجلى الإنسانية بكل وضوح.
انبثقت من ثلوج روسيا والشتاء الطويل، وكان هدفها الأسمى هو الإنسان مهما كان عمره أو وطنه فهي للجميع، وكأنها كتبت لكل شخص بخصوصيته واستقلاله.
فعائلة كارامازوف تمثل الإنسانية، وروسيا تمثل كل المجتمعات البشرية، الكاتب هنا فصل شخصيته عن أبطال روايته، كل رأي أو فلسفة يطرحها بكل قوتها كما يطرح نقيضها بالقوة نفسها، لا يوجد أغبياء أو ضعفاء، بل الجميع أقوياء و ضعفاء، حتى الرأي المخالف للكاتب قوي بعكس الروايات الأخرى، يركز على شخصية ورأي واحد وكأنه بطل خارق، وباقي الشخصات والآراء لاشيء، ضعفاء وحمقى لا يمتلكون ذرة عقل، هنا العكس تماما، الكاتب يتقمص كل شخصية وكأنه هو فعلا يحيى بداخلها ويفكر بعقلها ويرى بعينها، هذا واضح جدا عند المقارنة بين أليوشا وإيفان، أو وكيل النيابة والمحامي، لا توجد شخصية ذات خير أو شر مطلق، مثلما تجد في الواقع الخير بأكثر الناس شرا والشر بأكثرهم خيرا.