تجاور الحداثات في الأدب واللغة - دراسات وبرقيات في الظاهرة والنص النوعي
تأليف: إبراهيم طه
الكتاب مقدّمة في تجاور الحداثات. والحداثات تتناسل، ينسل بعضها من بعض. لكنّ اللاحق منها لا يشطب السابق ولا يمحقه. وإذا انتفت قدرة الحداثات الوليدة على محو ما سبقها فالحداثات تتجاور إذًا. تجاور الموجات الحداثيّة يعني الإضافة لا الاستبدال، يعني أنّ هناك ما قد استجدّ وأضاف. ولعلّ أبلغ قرينة على ذلك هي هذه المعايشة التعدّديّة لأنماط تقليديّة وحداثيّة وبعد حداثيّة في الأدب العربيّ المعاصر. وهذا التعدّد في ذاته علامة على بطء فعل التعاقب، بطء حركة الموت الطبيعيّ في تطوّر الأدب العربيّ المعاصر. حتّى اليوم ما زلنا نقرأ قصائد عموديّة على أوزان الخليل بكلّ ما تعنيه القصيدة العبّاسيّة من مواصفات وجماليّات. ونجد أيضًا قصصًا وروايات هرميّة تقليديّة خماسيّة المبنى تقوم على صراع صريح بين ضدّي الخير والشرّ. هكذا قد تتجاور الأنماط، على اختلاف مشاربها وانتماءاتها، في تراتب مثلما يتجاور الأجداد والآباء والحفدة في تراتب لا يخلو من ارتباكات وتوتّرات واستنزافات يفرزها منطق الاختلاف. الحداثة حركة تحتيّة صاعدة، ما يعني أنها تتناغم مع حركة الواقع بمادّته التاريخيّة والحضاريّة المتراكمة. وإذا كانت فوقيّة نازلة، مثلما نجد في بعض مظاهر ما بعد الحداثة العربيّة، فهي استباقيّة اقتحاميّة قد لا يستسيغها بعضهم. ولمّا كانت الحداثة تتجاوز التفسير الزمنيّ فقد عرفتها حركة التاريخ وأدركتها منذ فجر الحضارات. بهذا المفهوم ننظر إلى الحداثات بوصفها تعبيرًا عن موقف من التغيّرات الحاصلة باستمرار وإصرار، إمّا بصفة حقيقيّة في الواقع التحتيّ وإمّا بصفة افتراضيّة في الفكر الفوقيّ.
دار النشر: مكتبة كل شيء
تصنيفات: أدب , إبراهيم-طه , دراسات
حدد الخيارات