حسين مهنا المجموعة الكاملة - جزئين

أديب القرية

الكلام في الأديب الراحل حسين مهنا يبدأ من القرية وينتهي بها، فيها ولد (1945) ومنها غادر (2023). منها بدأ الإبداع وفيها استمر حتى آخر يوم في حياته، يحضر فضاؤها بكامل هيئته مؤتنا بسواقي البقيعة وأريج أزهارها وحكايات أهلها في زمن طال ليله وامتد مثل ليل امرئ القيس جبل من ترابها فعشقها، وتسلق تلالها وامتشق من قمة جبلها شعرا راقيا وشامخا مثل شموخها، وأبيًا مثل إبائها وسخيا مثل سخاء شجرها. عاشت فيه وعاش فيها فتوثقت بكلمات من نور ونار، ومن عزيمة راسخة استمدها من دفء ثراها فاحتضنه في مماته ابنا بارا يصح فيه لقب أديب القرية.

وكما القرية في هدوئها وبساطتها كان شعره، ورقيقا وأنيسا ونقيا ومحبا كان، وناعما مثل نسمة، وخشنا مثل كف فلاح وصارخا مثل عاصفة كان حسين مهنا أحد الشعراء الذين ساهموا في ترسيخ حركة الشعر وتطويره في بلادنا، بدأ الكتابة في مرحلة كان الرواد خلالها قد تمكنوا من وضع بصمات قوية على خريطة الشعر العربي، فصان هذا الرصيد وأضاف إليه. عرف بحرصه على قواعد الشعر الكلاسيكي من وزن وقافية، مرورا بشعر التفعيلة. كما رسخ قواعده السياب ونازك الملائكة والبياتي. وهو أديب شمولي كتب الرواية والقصيدة يجيد طرح مواضيعه بأسلوب خاص يحمل ختمه وهويته، من خلال حرصه على جماليات اللغة في أسمى صورها وأنقى معانيها، ومن خلال إثراء النص وانفتاحه على التراث العربي والعالمي.

عالج في إبداعه همين ووجعين يؤلمان جسده ونفسه الهم العام والهم الخاص بحث عن العدالة البشرية فرآها قد نفدت وتلاشت حروب واحتلالات وقهر وظلم، قوي يأكل خبز الضعيف، ومتجبر يلوك لحم الفقير تمنى لو كان ممكنا أن تتوزع خيرات الأرض على ساكنيها فلا يقع لذلك على أثر. من ناحية ثانية طاردة مرض يفتك بجسده وفرحه فلاحقه دون أن يلين أمامه أو يتراجع قيد أنملة حتى تمكن منه في السادس من تشرين الأول سنة .2023

د. رياض كامل