1984
تأليف: جورج اورويل
"رواية الأزمنة الصعبة"، هكذا يمكننا أن نعرف هذا العمل الفني الخالد. استطاع أورويل، عبر بصيرة نافذة، استقراء واحدة من أصعب تحديات عالمنا الحديث ألا وهي الأنظمة الشمولية التي تحكم على بني البشر وتستعبد عقولهم وأجسادهم وبالتالي تتحكم في مصيرهم. ناقش المؤلف في روايته التي صدرت عام (1949) مجتمعاً متخيلا تطبق عليه قوة ديكتاتورية توجه كل شيء من أجل مصالحها الخاصة حتى كتابة التاريخ. هكذا يتخيل أورويل سنة (1984) وقد باتت فيه الأخبار مزورة، والمعلومات مخفية، والجميع يراقب الجميع ويتجسس عليه عبر شاشة تلفاز، ومن المفارقة أننا نعيش اليوم عالماً يكاد يتطابق مع ما كتبه المؤلف قبل سبعة عقود، تضعنا فيه مواقع التواصل الاجتماعي محط المراقبة المستمرة، بل أنها تعرف عنا كل شيء تقريباً، من تاريخ الميلاد إلى خياراتنا التسوقية، وتتلاعب بأمزجتنا بسيل معلوماتها المغلوطة وأخبارها المريبة، فهل كان الكاتب يكشف المستقبل بعين الفن؟ سيدهش القارئ حين يعلم أن الحب بات ممنوعاً سوى للحزب، وأن الجنس لا يسمح به إلا من أجل الانجاب حيث الحزب ينتظر المولود ليأخذه من ذويه، وأن الضحك، حتى الضحك، محرم سوى على أعداء الدولة حين يقتلون أو يتعرضون للهزيمة، حتى العلاقات الاجتماعية والصداقات تتحول، بفعل القوانين الجائرة، إلى عقوبة جراء انهيار الثقة. كل شيء في خدمة الحاكم والشعار، كل شيء من أجل إبادة العدو المزعوم. رواية كبيرة تشخص بحق آليات الدول المستبدة، وتصنع لقارئها وعياً مضاداً إزاءها، لذلك كله، ولأسباب كثيرة غيرها، لا تزال هذه الرواية من أكثر الأعمال الأدبية طلباً وتداولاً وتأثيراً