أشباح القدس
تأليف: واسيني الأعرج
مي فنانة فلسطينية، غادرت أرضها الأولى في 1948 وعمرها ثماني سنوات، في ظرف قاهر، بإسم غير اسمها وبهويّة مزوّرة، باتجاه العالم الحرّ، بحثًا عن أرض أكثر رحمة وحبًّا. في نيويورك، تفرض نفسها كفنّانة تشكيلية أميركية من الطراز العالي. عندما يباغتها سرطان الرئة، تستيقظ فيها تربتها الأولى وأشباحها الخفيّة، فتتمنى أن تعود إلى القدس، لون طفولتها المسروقة، لتموت هناك. ولكن، هل يمكن أن نعود إلى الأرض نفسها بعد نصف قرن من الغياب؟ ماذا تعني العودة عندما يقضي الفلسطيني العمر كلّه في الدوران خارج نظام المجرّات؟
"اليوم، أشياء كثيرة تغيَّرت. الدنيا نفسها صارت شيئًا آخر. بعدما هدأتْ كل الآلام والتأمتْ بعض الجروح ونسيتُ صرخة يوسي المفزعة التي صاحبتني مدة طويلة في أحلامي وكوابيسي، وانتهيتُ من تدوين حدادي كما اشتهيتُ، أصبحتُ لا أرى شيئًا سواها في قمّة ألقها كما في سنوات تفتّحها الأولى. كلّما أغمضتُ عينيّ المتعبتين من مشقّة الموسيقى والعمل الدائم، رأيتُ مي تقوم من بقايا رمادها كطائر الفينيق، وتتحول إلى فراشات لا متناهية خُطّت على أجنحتها دوائرُ لا حصرَ لها وألوانٌ بمذاق البرتقال واللوز. كلّما نزل الليل، أضاءت مدينة اللّه اليتيمة، أورشليم، المنكفئة على عزلتها وجبروتِ صمتِ موتها المتواتر".
حدد الخيارات