النيروسيكولوجيا والثقافة والعسر التعلمي
تأليف: د علي بدارنة
لم أعرف الدكتور علي بدارنة قبل قراءة كتابه «النوير وسايكولوجيا والثقافة والعسر التعلمي كما عرفته بعد قراءة الكتاب. عرفته على مدار أكثر من 25 سنة كأخصائي نفسي قدير ومسؤول ومبدع ومنفتح على المعرفة والتطور. ومع هذا حين بدأت بقراءته ظننت خطأ بأني لن أجد فيه ما يجدد لي بموضوع النوير وسايكولوجيا أو الثقافة أو عسر التعلم ولكنني سرعان ما وجدت فيه الكثير من المعرفة المجددة في الربط الجدلي بين الدماغ والمجتمع والثقافة المدعومة بمشاهدات وأبحاث ذهنية ودماغية عابرة للثقافات. كما تعرفت من خلال قراءة الكتاب على القدرة الكتابية والأسلوب الشيق لعرض الأفكار العميقة ببساطة على القارئ، وعلى النزعة الإنسانية والمرهفة في فهم الإنسان وطبيعته. التوجه الذي انتهجه الدكتور علي في عرض موضوع الكتاب هو توجه منظومي وليس اختزالي. فهو لم يبحث عن أسباب الظواهر بل شرح كيف تعمل منظومة النفس والجسد والمجتمع وكيف أن بداخل كل منظومة تعمل منظومات أخرى وكلها تتفاعل معا لتفسر كيف تحصل ظواهر التفكير أو التعلم أو عسر التعلم. لا يقتصر الكتاب على تفسير حصول الظواهر بل فيه الكثير من الأدوات العملية التي تساعد في تشخيص الحالات وتحديد نقاط الضعف والقوة في كل حالة والتمييز بين حالة وأخرى. لقد أعجبني توجهه الفردي الإيديوغرافي Idiographic واللاتصنيفي الذي يتعامل مع كل حالة كحالة خاصة لا تطابق أي حالة أخرى بالرغم من وجود قوانين عامة تفسر أداء كل حالة. وعليه فعلاج كل حالة يجب أن يكون ملائما لخصوصيتها الفردية وليس وفق تصنيفها ضمن مجموعة واحدة. تنقص المكتبة العربية مثل هذا الكتاب الذي من شأنه إثراء وتنجيع عمل السايكولوجيين وأطباء النفس والمستشارين والمربين وطلاب التعليم الخاص وغيرهم من المثقفين العرب.