غضب: كلام من ثقب الإبرة في الأدب وقلّة الأدب
تأليف: ابراهيم طه
من ثقب الإبرة اعتدت التحديق في هذا العالم. في كلمات عاجلة لاهثة مكثّفة محشورة حشرًا حاولت أن أرصد العالم الواسع، عالمي الواسع. من ثقب الإبرة تعلّمت النظر حولي، منذ كنت "أعبر" الإبرة لجدّتي "حمدة" وأمّي "نورة" رحمهما الله. من هذا المنظور الخاصّ الضيّق حاولت أن أجد طريقي إلى هذا العالم الذي يعظُم باستمرار ويظلّ يضخم. والتحديق من ثقب الإبرة لا يعطيك إلا البؤرة من الصورة، ويغفل الهوامش والتفاصيل. ولماذا تشغلني الهوامش والتفاصيل ما دمت مستنفرًا ومادامت هذه التحديقات اللاهثة قد أرادت أن تكون ثاقبة؟ وهي ليست ثاقبة إلا لأنّها من ثقب الإبرة. كان الكلام يصعد من قلب قلبي مباشرة، إلى رأس لساني يصعد. كما هو يصعد، لا تصفية ولا تنقية، لا تعديل ولا تجميل. وحين يكون الكلام جاهزًا حاضرًا متحفّزًا متوثّبًا على رأس اللسان يكون ثاقبًا، يثقب، يخز، يؤلم ويدمي. لكنّها الإبرة نفسها التي تحمل الدواء، والدواء مرّ، مثل العلقم مرّ.
دار النشر: مكتبة كل شيء
تصنيفات: ابراهيم-طه , سياسة