قالوا عروبيون
تأليف: واصل طه
لو ظل الديوان حالة تأريخ وتوثيق وتدوين لما قدم الشاعر شيئًا لم يسبقه إليه السابقون والآخرون. ديوان واصل طه فعل حض وتحريض وتهييج واستفزاز للهمم. إذا كانت العروبة في ذاتها نصا ثوريا فالعروبية نص تثويري في أرقى معانيه العروبية عند واصل طه تخاطب العقول التي في الرؤوس، قال مالك بن نبي: أخرجوا المستعمر من رؤوسكم يخرج من أرضكم.. واصل طه في هذا الديوان يؤسس لمشروع عقدي ينهض على قائمتين اثنتين لا تكونان على انفصال (1) الانتقال من عروبة موهوبة إلى عروبية مكتسبة. العروبة شعوب وقبائل والعروبية أمة وقوم، العروبة دول والعروبية وطن العروبة حالة ذرية والعروبية كلانية جشتالتية. (2) الانتقال بالأصالة من الأصل إلى التأصيل، من حالة تاريخية إلى حالة ديمومة من حالة انقضاء، يحسن الوقوف على أطلالها، إلى حالة بقاء يحسن فيها الفعل أقام ودام. من حالة نقل إلى حالة إبداع. العروبية في دیوان واصل طه هي منطق تمكين وهي حصانة مستمرة للعروبة والأصالة. إذا كانت العروبة مثل الأصالة، حالة نقلية فإن العروبية حالة عقلية، لا تتأدى إلا بقرار محسوب مسحوب من عمق الوعي والمشيئة. وهكذا تصير العروبية صحوة الوعي والمشيئة.
أتكون العروبية فكرا منفصما عن حاضنته الجمالية أصلا؟ حين قرأت ديوان واصل طه قفز أبو الفرات محمد مهدي الجواهري بقوة إلى مقدمة الوعي، قفز وقفزت معه جملته الشهيرة ليس بهذا ينهد عمود الشعر العربي حين سئل عن بواكير الشعر العربي الحديث. لما كان واصل طه لا يتحرف، لا يميل ولا يمل، في عروبيته، كان لا بد للنبر في الديوان أن يرتفع في مرافعات حماسية ارتجاجية صداها صاخب. وهكذا كان لا بد لهذه العروبية التأصيلية أن تكتظ بنبر أبوي يحيلنا إلى المتنبي والجواهري بقوة شعر واصل طه ليس تفاوضيا في منحاه ووجهته العامة لأنه ينهض أساسا على جماليات التقابل بين الهدم والبناء. يهدم مقابحنا وما أكثرها، ويبني على آثارها أخلاقا عروبية تنجينا من حالة التيه والخراب.
حدد الخيارات